فيما ساد جدل قضائي حول أحقية السلطات المصرية في محاكمة قاتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم، بعد أن أعلنت شرطة دبي أن القاتل معروف لديها، وسافر إلى دولة عربية، كشفت إذاعة إلكترونية عن أن أخطاء ساذجة ارتكبها الجاني كانت السبب في سرعة التعرف عليه، ومن ثم إلقاء القبض عليه قبل أن يهرب إلى البرازيل في نفس اليوم الذي جرى فيه اعتقاله.
ففي حين صرح الدكتور شوقي السيد المحامي وعضو مجلس الشوري المصري السابق -لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية الصادرة السبت 23 أغسطس/آب الجاري- بجواز عدم تسليم الجاني للسلطات الأمنية في الإمارات، بموجب اتفاقية التعاون القضائي، أوضح مستشار قانوني في دبي -رفض الكشف عن اسمه- أن القاتل يجب محاكمته في محكمة مختصة في الإمارات، وتحديدا داخل المدينة التي ارتكبت فيها الجريمة، لذلك لا بد أن تطالب السلطات الأمنية في دبي الشرطة المصرية بتسليم المجرم لها.
وأشارت الصحيفة إلى أنه لدواع أمنية، ما زال التكتم الشديد حول الجديد في مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم مستمرا، لافتة إلى أن مكتب اللواء خميس مطر المزينة نائب القائد العام لشرطة دبي بالنيابة رد على سؤالها حول ما إذا كانت شرطة دبي ستطالب بتسليم المجرم الذي غادر دبي بعد ساعات قليلة من ارتكابه للجريمة، بأن ذلك يعود لطبيعة الاتفاقيات القائمة بين دولة الإمارات والدولة التي ضبط فيها المجرم، والخاصة بمعاهدة تسليم المجرمين الهاربين.
على صعيد متصل، كشفت إذاعة إلكترونية تحمل اسم "راديو 6 أبريل" عن الكيفية التي تم بها التعرف على شخصية المتهم المصري بقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم في دبي في الثامن والعشرين من يوليو/تموز الماضي في شقتها بإحدى مناطق مدينة دبي الراقية.
خنجر حربي
وقال الموقع الرسمي للإذاعة -الذي يحمل اسم موقع "إنقاذ مصر"، نقلا عن مصادر وصفها بأنها مقربة كثيرا من التحقيقات- إن المتهم ارتكب عددا من الأخطاء الفادحة مكنت شرطة دبي من تحديد هويته وتتبعه بسهولة كبيرة، بدءا من تحديد وقت تنفيذ الجريمة من الثامنة والنصف حتى التاسعة صباحا، وهي الفترة بين اتصال المجني عليها بشركة للتاكسي لإرسال سيارة لها، وبين وصول السيارة في التاسعة، حيث كانت قد فارقت الحياة.
وقالت المصادر للإذاعة إن تلك التوقيتات مكنت الشرطة من تتبع الصور واكتشاف القاتل الذي كان يلبس قبعة ودخل المبنى في نفس التوقيت، موهما الضحية بأنه يحمل إليها طردا من المكتب العقاري الذي اشترت منه الشقة، بعد أن استطاع أن يرسل لها رسالة إلكترونية من كمبيوتر هذا المكتب مما جعلها متوقعة لوصوله، ولكنه غير ثيابه التي دخل بها للمبنى بأخرى كان يرتديها تحت الملابس، رغم أنه لم يغير القبعة، وقد تخلص من الملابس التي نفذ بها الجريمة ولكن الشرطة تمكنت من التحفظ عليها.
ولايزال صاحب المكتب العقاري وهو بريطاني معتقلا في دبي، رغم نفيه معرفته بالقاتل وعجزه عن تبرير استخدام جهاز كمبيوتر المكتب في إرسال رسالة للمجني عليها أو استعمال أوراق الشركة لإيهام الضحية بوجود رسالة لها.
الهروب للبرازيل
وبينما لم تكن الصور كافية لتحديد هوية القاتل، إلا أنه ترك خلفه دليلا هاما جدا قاد الشرطة بسهولة إليه، وهو الخنجر الذي استخدمه في تنفيذ الجريمة، حيث اختار شراء خنجر حربي قوي مما تستخدمه القوات الخاصة في تسليحها، فالرجل له تاريخ كضابط سابق في جهاز مباحث أمن الدولة حاصل على فرق في مكافحة الإرهاب، فاختار شراء الماركة التي يحبها من الخناجر، حيث أمكن تحديد المكان الذي يبيع هذا النوع والتعرف على من اشتراه بسؤال القائمين على المحل.
وكانت المصادفة السعيدة لرجال الأمن في دبي أن القاتل اشترى الخنجر مستخدما بطاقة ائتمان بنكية باسمه، ومن خلال ذلك تمكنوا من الحصول على المعلومات الكاملة عن السكري وعن تحركاته في دبي وتاريخ وصوله ومغادرته وإقامته، حيث تبين أنه غادر سريعا إلى القاهرة على أول طائرة بعد تنفيذه للجريمة.
وقال "راديو 6 أبريل" إنه عندما سافر وفد من شرطة دبي حاملا معه كل هذه المعلومات للسلطات المصرية لم تتأخر الشرطة المصرية في البحث عن السكري، الذي كان يسترخي في أحد المطاعم التي كان معتادا للتردد عليها.
طريقة القبض على القاتل
وحكى شهود عيان لموقع mbc.net طريقة القبض على محسن منير السكري في المطعم النيلي، حيث كان بصحبته ثلاثة أشخاص أحدهم كبير السن، بينما فاجأته قوة من رجال الشرطة أكد الشهود أنهم ليسوا من الشرطة العادية؛ لأن طريقة تعاملهم واحترافهم في أداء المهمة كان واضحا جدا، حيث لم يمنحوا الأشخاص الأربعة أية فرصة للهرب أو التملص.
وقال شهود العيان الذين كانو بالمطعم على مقربة من مكان القبض على السكري إنه بوغت من جانب من قبضوا عليه، لأنهم يعرفون تاريخه كضابط سابق، وأنهم حتى لم يمنحوه جزءا من الثانية للتفكير حيث تم تقييده وجره سريعا وكل من معه إلى الخارج وسط ذهول كل الموجودين.
وأشار الموقع إلى أن الشرطة المصرية ضبطت مليون دولار كان يخبئها السكري في "بوتوجاز" شقته. وكشفت تحقيقات أجهزة الأمن المصرية أن السكري كان يستعد مساء نفس اليوم الذي اعتقل فيه للسفر إلى البرازيل، إلا أن سرعة القبض عليه قد أحبطت عملية هروبه.
وكان محسن منير السكري -المصري المتهم بقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم- قد بدل أقواله التي كان أدلى بها أمام السلطات المصرية، نافيا تورط شخصية مصرية بارزة في تحريضه على الجريمة.